حقوق وحريات

"عربي21" تحاور زوجة معتقل مصري أعدم قبل أيام

زوجة الأباصيري قالت إنه لم يتركب جناية أو جنحة طيلة حياته حتى يشارك بقتل أناس- تويتر
زوجة الأباصيري قالت إنه لم يتركب جناية أو جنحة طيلة حياته حتى يشارك بقتل أناس- تويتر

"زوجي مات شهيدا راضيا"، بهذه الكلمات بدأت زوجة ياسر الأباصيري، ثاني اثنين أعدمتهما السلطات المصرية، في القضية المعروفة إعلاميا بـ"أحداث مكتبة الإسكندرية"، حديثها عن زوجها البالغ من العمر (49 عاما) في رحلة استمرت 23 عاما.

وتكللت العلاقة الزوجية بإنشاء أسرة متوسطة العدد ميسورة الحال، تتكون من زوجين وأربعة أبناء جميعهم يدرسون بالجامعات، رغم اعتقال والدهم منذ عام 2014، أي قبل التحاقهم بالجامعات عندما كانوا طلابا بالمراحل المتوسطة وبحاجة إلى وجوده إلى جوارهم.

وفي حوار خاص لـ"عربي21"، قالت زوجة الأباصيري: "برحيل ياسر، رحلت كل معاني الحياة، رحل القلب والعقل معا، وليس المعيل، فالله يرزق من يشاء بغير حساب، لكن ما يطيب خاطرنا وما يخفف من وجع الفراق هو سعادته بلقاء ربه".

ووصفت القضية وما تبعها من إجراءات قضائية ومحاكمات وأحكام بالإعدام على اثنين من المتهمين والمؤبد والمشدد على آخرين "بالملفقة؛ فزوجي لم يرتكب جنحة أو جناية طوال حياته حتى يدان بقتل هذا العدد من البشر في قضية واحدة".

وقامت السلطات المصرية، السبت الماضي، بتنفيذ حكم الإعدام في حق المواطنين ياسر الأباصيري (49 عاما)، وياسر شكر (45 عاما)، في سجن الاستئناف الشهير بـ "سجن الإعدام" بالقاهرة، في قضية "أحداث مكتبة الإسكندرية" التي تم تأكيد الحكم نهائيا فيها بتاريخ 15 أيار/ مايو 2017.

وضمت القضية عشرات المتهمين، وشملت أحكاما نهائية قاسية بالإعدام على اثنين حضوريا، وثالث غيابيا، والمؤبد على 20 محبوسا، و5 غيابيا، و15 سنة لـ21 محبوسا، و10 سنوات لـ 22 محبوسا، على خلفية اتهامهم بقتل 13 متظاهرا عقب أحداث فض اعتصام رابعة بيوم واحد.

حكم الإعدام كان واجب النفاذ، هل خامرك شك في عدم تنفيذه في ظل الأوضاع المتوترة؟

لم أكن أتوقع أن يقوموا بتنفيذ حكم الإعدام، كنت أمني نفسي أن يظل قيد الحبس لحين تستقر الأوضاع؛ خاصة أن أوضاع العالم كله غير مستقرة، جائحة كورونا، وأوضاع الناس الصعبة، فكان تنفيذ الحكم بمثابة المفاجأة في ظل الظروف الحالية.

هل كان أبو مصطفى (ياسر) خائفا أو ساخطا بعد تأكيد حكم الإعدام؟


- أبو مصطفى طلب الشهادة في سبيل الله، واستجيبت دعوته، كان يقول الموت واحد هنا أو هناك، وقضاء الله لا مفر منه أبدا.

وبالنسبة لكم.. كيف جرت الأمور معكم وهو الزوج والأب والمعيل؟


- نحن غاضبون من الظلم الواقع عليه، ولكن هو قضاء الله فينا، وراضون به، وهو راض به، بل لم يكن حزينا أو يائسا من حكم الله.

هل أبلغكم أحد بحالته قبل تنفيذ الحكم فيه؟


- بلغنا أنه قبل تنفيذ الحكم لم يكن خائفا ولا مرتعدا ولا عابسا.

كيف كانت إجراءات تسليم الجثمان والدفن؟


- ذهبنا لاستلام جثمان أبي مصطفى يوم الأحد، ورفضوا تسليمه، وطلبوا أن ننتظر حتى الليل، على الرغم أننا من الإسكندرية، وطلبوا أن يدفن ليلا أيضا، في مدافن أم كبيبة بمنطقة الوردان غربي الإسكندرية.

متى كانت آخر مرة التقيت فيها أبا مصطفى قبل تنفيذ الحكم فيه؟


- آخر مرة التقينا فيها بزوجي كانت قبل أزمة كورونا، ومنذ ذلك الوقت لم يسمح لنا برؤيته حتى قبل إعدامه، ولم نعلم بما حدث إلا لاحقا، ومن يرضى بهذا الظلم؟

هل كانت شخصية أبي مصطفى تسمح له بالتورط في أعمال "إرهابية" كالتي نسبت له؟


-القضية كانت ملفقة ولا ناقة له فيها ولا جمل، وزوجي بريء مما نسب له من تهم باطلة براءة الذئب من دم يوسف، لم يحمل يوما سلاحا.

نحن على ثقة بأنه لم يرتكب أي جرم، فنحن نحب وطننا وهو من علمنا حب الوطن، ولا يتصور أحد أن يقوم ياسر بأي عمل يضر به أحدا، فأين تعلم القتل أو التفجير وهو بين الناس يعمل ويسعى ويربي؟!

منذ متى اعتقل أبو مصطفى وكم سنة مكثها في السجن قبل إعدامه؟


- اعتقل في 5 مارس 2014، وظل محبوسا ست سنوات، ولم يخرج منذ لك الوقت، وتعرض لظروف حبس صعبة وقاسية، رغم أنه كان في ريعان شبابه ولا يشكو من شيء البتة.

طوال السنوات الست الماضية.. كيف كانت تسير أمور الزيارة؟


- كانت شاقة ومضنية ومنهكة، ولكن كان كل شيء يهون لرؤيته والاطمئنان عليه وسماع صوته، كانت هناك مضايقات أثناء الزيارات طوال هذه السنين الصعبة، وكان أبو مصطفى لا يصمت على أي مضايقات نتعرض لها في التفتيشات؟

منذ متى وأنتما متزوجان؟ وكيف كانت علاقة أبي مصطفى بأسرته؟


- تزوجنا قبل 23 عاما، ولدينا أربعة أبناء، ولدان توأمان، مصفى ومحمد، وبنتان توأمان، مها ومروة، تدرس إحداهما في السنة الثانية بكلية الآداب، والأخرى في السنة الثانية بكلية التجارة، والولدان، أحدهما بكلية الحقوق والآخر بكلية الزراعة.

ياسر كان نعم الزوج والأب والابن البار بوالديه، ولم يفتعل أي مشاكل مع أحد سواء في العمل أو مع أقاربه أو جيرانه؛ لأنه كان يسعى بالخير والصلح بين الناس، كان دائما يحضر جلسات الصلح بين الخصوم أو المتخاصمين من أجل الإصلاح.

من تأثر باعتقال أبي مصطفى غير أسرته؟


- أبو مصطفى كان يعمل مقاولا، وكان ميسور الحال، لكن بعد القبض عليه تفاجأت بأمور عنه لم أكن أعلمها، حدثني كثيرون أنه كان يساعدهم بالمال، وكانت بيوتهم مفتوحة بفضل مساعدته لهم، وقابلت نساء كن يقلن لي إنه ساعد في زيجات بناتهن، وفي تجهيزهن، لم يرد سائلا أو محتاجا، وحتى لو كانت الظروف لا تسمح فإنه لم يقصر مع أي إنسان لجأ له، رحمة الله عليه.

تسجيل صوتي للأباصيري

وحصلت "عربي21" على تسجيل صوتي من داخل أحد السجون المصرية لمعتقل محكوم بالإعدام، يروي ما يُمكن وصفه بيوميات "الإذلال والتنكيل" الذي تعرض له داخل محبسه منذ اعتقاله، وذلك قبل فترة من تنفيذ حكم إعدامه الذي تم السبت.


وتحدث المعتقل المُنفذ بحقه حكم الإعدام، ياسر الأباصيري، عن جانب من التفاصيل والأحداث التي مر بها داخل زنزانته، مشيرا إلى الظروف "القاسية" التي يتعرض لها المعتقلون السياسيون داخل سجن برج الغرب بالغربانيات في محافظة الإسكندرية.

التعليقات (2)
الكاتب المقدام
الأربعاء، 07-10-2020 05:20 م
... رحم الله الفقيد الشهيد، وكل من وقف بشجاعة دفاعاً عن دينه ووطنه، الموت علينا حق، وسيلحق بهم الصالح والفاجر، وعند الله تجتمع الخصوم في يوم قريب، اللهم رب ثبت أسر الشهداء على الحق، وأثبهم خير الجزاء، وسيرى الذين ظلموا يوماُ قريباُ، وسيندم الذين أيدوهم وبرروا إجرامهم، وسيخزيهم الله في الدنيا والآخرة، يوم لا ينفع الندم.
عبد الله
الأربعاء، 07-10-2020 01:06 م
ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتا بل احياء عند ربهم يرزقون فرحين بما اتاهم الله من فضله